"أُمسِياتٌ
لأَحَدٍ جديد" في أدب المُجتَمَع
صدر عن مؤسَّسة الثَّقافة بالمجَّان كتابُ "أُمسِيات لأحَدٍ
جديد" (أو لإنسانٍ جديد") للأديب ناجي نَعمان، وهو كتابُه الخامس
والثَّمانون، ويُدرَجُ في أدب المُجتَمَع.
ويُمثِّلُ
هذا الإصدارُ، بعد "الفِكرُ مُهَرولاً" لناجي نَعمان، و"قراءاتٌ في
ناجي نَعمان" للدُّكتور إميل كَبا، و"المُنعَتِقُ" في ترجمته
الإنكليزيَّة بقلَم نِزار سَرطاوي، الكتابَ الرَّابعَ مِن خُماسيَّةِ كُتُبٍ لنَعمان، أو فيه،
أو تُتَرجَمُ عن أعمالٍ له، تصدُرُ في الذِّكرى الخَمسين لِمِشواره مع القَلَمِ
والأَلَم (1969-2019)، والذِّكرى الأربعين لتأسيس دار نَعمان للثَّقافة
(1979-2019)، والذِّكرى الخامسة والعِشرين لرَحيل والده الأديب والشَّاعِر مِتري
نَعمان (1994-2019).
وذا
الكتابُ يُمثِّلُ الجُزءَ الثَّاني من سلسلة "درب الحقيقة" الَّتي
أنشأها نَعمان في العام 2015، وقال فيها: "نَتَلَمَّسُ في هذي السِّلسِلةِ
الحقيقةَ، ونَضَعُها بين يَدَي القارئ، لا كالحقيقةِ الحقيقيَّة، المُطلَقَة،
الدِّكتاتوريَّة، بَل كأفضَل ما تَوَصَّلَ إليه أشخاصٌ مُعَيَّنون في زمنٍ
مُعَيَّن، ذلك أنَّ مَعرفةَ الحقيقةِ الحقيقيَّة، والتَّأكُّدَ منها، أمرٌ صَعبٌ
ونادر، فالإنسانُ الفاعِلُ في الأحداث مُتَغَيِّرٌ، وكَذا ناقِلُ الأحداث مِن جيلٍ
إلى جيلٍ مُتغَيِّرٌ، ومِن الخَفايا ما سيَبْقى خَفِيًّا. كما أنَّ احتِكارَ
الحقيقة على مَرِّ الأزمان أمرٌ مُستَحيل، ولا سيَّما في مَسائِل التَّاريخ
والعَقَدِيَّات. ولَئِن أَنشَدَ ابنُ الوَرديِّ (1292-1349) في لامِيَّته:
"لا تَقُلْ قد ذَهَبَتْ أربابُهُ / كُلُّ مَن سارَ على الدَّرْبِ
وَصَلْ"، فنحن، في "دَرْبِ الحقيقة"، نَكتَفي بالسَّير على
الدَّرْبِ، وبالتَّلَمُّس!"
وجاء في توطِئَة الكتاب الجديد الَّذي يَجمعُ نَعمانُ
فيه تسعةَ مباحث نُشرَتْ له من ضمن سلسلة "أُمسِيات الأحد" كما في
مجلَّة "الحكمة" و/أو مجلَّة الـ NDU أنَّ
السِّلسلةَ السَّابقةَ الذِّكر "هادفةٌ تتناولُ موضوعاتٍ روحيَّةً
واجتماعيَّةً وأخلاقيَّةً وتربويَّةً ونفسيَّة، تُخاطِبُ الشَّبيبةَ في واقعها
اليوميّ، وتَرمي إلى تنشِئَة جيلٍ ناضجٍ مُثَقَّفٍ مُتَدَيِّن". وقد
أُصدِرَتْ، أوَّلَ ما أُصدِرَتْ، في العام 1956 بهِمَّة الآباء البولُسيِّين في
حَريصا (لبنان). وأمَّا القَصْدُ من تَسميتها "أُمسِيات الأحَد"، على ما
زالَ نَعمانُ يَذكُرُ مِن صِغَره، فَكيما تُنهِيَ الأُسَرُ يومَ الأحَد، وهو يومُ
الرَّبِّ لدى المسيحيِّين، بقِراءاتٍ مُفيدةٍ هادِفَةٍ تُؤمِّنُها تلك
الكُتَيِّبات.
وأُعيدَ إصدارُ الأُمسِياتِ بين
العامَين 2004 و2014، عن منشورات المكتبة البولُسيَّة في مدينة جونية (لبنان)،
وطُبِعَتْ بالمَطبعة البُولُسيَّة بعدَ انتِقالِ تلك المَطبعة مِن بَلدَة حَريصا
إلى المدينة المَذكورة، وذلك على بادِرَةٍ مِن الأب تِيودور عادل خوري، ودَعْمٍ،
وقد أَوكَلَ الأبُ خوري الأبَ سامِر نعمان البُولُسيّ، إدارتَها، وكانَ رئيسَ
مدرسة القدِّيس بولُس في فَيْطرون، وجَرَى ذلك بالاشتِراك مع المكتب التَّربويِّ
في المدرسة الَّذي كان ناجي نعمان يرأسُه.
وصدرَتِ السِّلسلةُ خلالَ أحدَ عشرَ
عامًا دراسيًّا، مِن العام 2004-2005 إلى العام 2014-2015، بواقِعِ تسعةِ
كُتَيِّباتٍ في كلِّ عامٍ، كما صدرَ كُتَيِّبٌ خاصٌّ يحملُ الرَّقمَ 64 حول
المُكَرَّم الأب بشارة أبو مراد في العام 2011، ممَّا رفعَ عددَ الكُتَيِّبات الصَّادرة
خلال تلك الفترة إلى مِئَةٍ، توقَّفتِ السِّلسلةُ بَعدَها.
ومِن الأقلام الَّتي حَرَّرَتِ
الكُتَيِّبات، بالإضافة إلى ناجي نَعمان والأبوَين سامر نَعمان وتِيودور عادل
خوري: المَطارنة جوزف العَبسي (البطريرك حاليًّا)، وكيرلُّس سليم بسترس، وبطرس
المعلِّم؛ والآباء: جورج خوَّام ويوسف لاجين ونضال جبلي؛ والأخت باسمة خوري؛ إلى
الدَّكاترة إميل كَبا وميشال كعدي وسليم بطَّاني (الكاهن حاليًّا).
ولمَّا كان ناجي نَعمان في
مَوقِعه هذا بالمدرسة، فقد أصرَّ، هو "مَجنون الثَّقافة بالمَجَّان"،
على توزيع أعداد السِّلسلة بالمَجَّان على طَلَبَة المدرسة وأهاليهم، الأمرُ
الَّذي تَمَّ. وقد راجَعَ بنَفسِه مُجمَلَ إصدارات السِّلسلة المئة، لُغَويًّا
وأكاديميًّا عندَ الحاجة، وكانَ له، فيها، 26 كُتَيِّبًا بين تأليفٍ وترجمةٍ
وإشراف.
***
وقدِ استَعادَ نَعمان في جديده بَعضَ أبحاثٍ-كُتَيِّباتٍ
ذاتِ طابَعٍ اجتماعيٍّ وَضَعَها في سَنَواتٍ سابِقات، تُحاكي شؤونَ الأَمسِ
وشُجونَه، وأمَّا المَقصودُ مِن عُنوان الكتاب "أُمسِياتٌ لأحَدٍ جديد"،
فاستِعادةُ اسمِ السِّلسلة وإتباعُه بكلمة الجديد، ممَّا يَعْني يومَ أحدٍ جديدًا،
أو، حتَّى، إنسانًا جديدًا.
وأمَّا الموضوعاتُ المُعالَجةُ في
الكتاب فالآتِيَة: ماذا ينتظرُ العلمانيُّ والمُكَرَّسُ واحدُهما من الآخَر؟ -
أكرهُ المدرسة – الأرضُ تنبضُ فسادًا ولا ذنبَ لها – اللُبنانيُّ وخِصالُه – فوضى
الدِّراسات وهجرةُ الأدمِغَة – بُنيَّ، لا تكذِب – الشَّيخوخةُ حياةُ جديدة –
العصرُ للتّفكير لا للتَّكفير – إحتفالاتٌ دينيَّةٌ أم مناسباتٌ اجتماعيَّة؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق